الوحدة والاختلاف
1- مفهوم الوحـــدة:هي رابطة أخوية اجتماعية مبنية على الدين والعقيدة، تتآلف من خلالها قلوب الأفراد والجماعات بما يضمن السلامة والأمن.
2- مقـــــاصد الفكر الوحدوي :من خلال التعريف يتضح أن الفكر الوحدوي يهدف إلى تحقيق مجموعة من الغايات نذكر منها ما يلي:
1- تحقيق مقصود الشرع : فالإنسان قوي بغيره ضعيف لوحده والشيطان يتغلب على الكيانات المتفرقة، كما جاء في الحديث الشريف«عليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية »
2- حماية أمن المجتمع : والذي لايتحقق إلا بالوحدة والتماسك ، والشر كل الشر في الفرقة والخلاف والنزاع قال تعالى « ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم» سورة التوبة.
3- أســـــــس بنــــــاء الوحــــــــــــدة والائــــتـــــلاف :- لتحقيق الوحدة والتآلف والاجتماع لابد من توفر بعض الشروط منها :
1- الأساس العقدي: بوجود مرجعية موحدة المتجلية في التمسك بالقرآن الكريم والسنة النبوية واعتبارهما الفيصل في كل شيء كما جاء في الحديث الشريف « تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا، كتاب الله وسنتي »
2-الأساس المذهبي: حيث اختار المغاربة مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس لتوفره على خاصيات رآها المغاربة منطلقا لوحدتهم وتماسكهم.
3- الإمامة الكبرى: المتجلية في إمارة المؤمنين القائمة على أساس البيعة الشرعية المجسدة للعهد الموثق بين الراعي والرعية، والله سبحانه أمرنا بالسمع والطاعة لأولي الأمر قال تعالى« يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)» سورة النساء.
4- الأساس الإنساني: من خلال الانفتاح على كل الثقافات والملل والتعايش معها وفق ضوابط وشروط حددها القرآن الكريم، وهذا من أسباب قوة واستمرارية المجتمع المسلم قال تعالى:« لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ »
4- عوامــــــل وحــــــــــدة الأمـــــــــــــة الإسلامية:الوحدة لا تعني بأي شكل من الأشكال، مصادرة الاختلافات وحالات التنوع والتعدد الموجودة في المحيط الاجتماعي والسياسي للعرب والمسلمين. وإنما تعني تنمية المشتركات والالتزام السياسي والعملي بالقضايا المصيرية للأمة.
وتفعيل اللقاء حول القضايا المشتركة، هو الكفيل بتطوير مستوى الوحدة في العالمين العربي والإسلامي. فالوحدة الحقيقية والصلبة، لا يمكن أن تعيش إلا في ظل الاختلاف المشروع، لأنه يغني مفهوم الوحدة ويمده بأسباب الحيوية والفعالية، ويؤسس لوقائع وحقائق جديدة تحول دون تقهقر المفهوم الوحدوي على مستوى الواقع.
فالاختلافات المعرفية والفقهية والاجتماعية والسياسية، ينبغي ألا تدفعنا إلى القطيعة واصطناع الحواجز التي تحول دون التواصل والتعاون والحوار.
وإن الوحدة الداخلية للعرب والمسلمين، بحاجة دائماً إلى منهجية حضارية في التعامل مع الاختلافات والتنوعات، حتى يؤتي هذا التنوع ثماره على مستوى التعاون والتعاضد والوحدة.. والمنهجية الأخلاقية والحضارية الناظمة والضابطة للاختلافات الداخلية، قوامها الحوار والتسامح وتنمية المشتركات وحسن الظن والاحترام المتبادل ومساواة الآخر بالذات.
هذه المنهجية هي التي تطور مساحات التعاون وحقائق الوحدة في الواقع الخارجي..
وخلاصة القول: إن الوحدة لا تفرض فرضاً، ولا تنجز بقرار أو رغبة، وإنما باكتشاف مساحات التلاقي والعمل على تطويرها، ودمج توحيد أنظمة المصالح الاقتصادية والسياسية