خصائص التفكير المنهجي في الإسلام
مفهوم التفكير المنهجي وخصائصه هو نشاط عقلي ينظم به الإنسان خبراته لحل مشكلة معينة ، والمنهج هو الطريق المستقيم وحين ننسب التفكير إلى المنهج فنقول تفكير منهجي بمعنى التفكير الذي يتبع قواعد واضحة للوصول إلى النتائج.
وقد دعا القرآن الكريم الناس إلى التفكير في سياقات متعددة منها:
ـ التفكر في خلق الله تعالى
ـ تدبر القرآن للاقتناع بأنه وحي منزل من عند الله
ـ الاستدلال على بشرية محمد عليه السلام
ولتحقيق هذه الغاية نتعرف على الخصائص التي تميز التفكير المنهجي في الإسلام للحيلولة دون انحراف الفكر عن مساره الصحيح .
1. الارتكاز على الوحي لا يجب تقديم أي شيء علي الوحي لأنه الحق المنزل من الله عز وجل ،فقد اشتمل على حقائق منها ما هو متعلق بعالم الغيب وأخرى بعالم الشهادة الذي أعطى الوحي فيه حقائق يقينية، وأعطى للإنسان أن يكتشف المزيد منها بفكره لتدله على بارئها ، فإذا تعارضت هذه المعارف مع بعض معارف الإنسان ،فذلك راجع إلى قصور المعرفة البشرية ونسبيتها.
2 . الأخذ بالأسباب المودعة في السنن الكونية أودع الله تعالى في الكون سننا وقوانين تنتظم بها أجزاء الكون فوجه الحق تعالى الإنسان إلى البحث في تلك السنن واكتشافها ليستعملها في وظيفة عمارة الأرض وإصلاحها.
3.الإبداع و التجديد على المسلم أن يستوعب ما لدى الآخر من معارف في مرحلة أولى، ثم يعرضها على حقائق الوحي فيقر منها ما اتفق معه و يستبعد ما تعارض معه ثم ينطلق للإبداع
و يرتقي في سلم المعرفة لتحقيق خلافة الأرض وعمارتها.
وبناء عليه ، فإن ما يبدعه فكر الإنسان المسلم المرتكز على مرجعية الوحي يكون متفوقا و متجاوزا لإنتاج الإنسان الذي لا يخضع لتوجيهات الوحي.
إعتماد التفكير المنهجي لتجاوز الأزمة الفكرية المعاصرة
علينا أن نستلهم منهج السلف الذين اعتمدوا على الخصائص السابقة في تعاملهم مع المعارف الوافدة عليهم ونستخرج منه خطوات عملية لنتجاوز التخلف المعرفي الذي تعيشه الأمة الإسلامية حاليا:
الخطوة الأولى : استيعاب التراث الإسلامي يجب الإطلاع المتعمق للتراث الإسلامي لما خلفه أسلافنا في كل فرع من فروع العلم ،
و بدراسة منهجهم سنفهم بشكل أفضل خصوصيات المنهج الإسلامي وكيف يسر لهم حل
ما واجهوه من مشكلات.
الخطوة الثانية : التمكن من المعارف المعاصرة يجب الوصول إلى فهم شامل للمعارف والعلوم في صورتها الحالية بحيث يجب الإحاطة بكل جديد في مختلف فروع المعرفة التي تشعبت وتعددت.
كذلك ينبغي أن نقرأه قراءة نقدية من وجهة النظر الإسلامية لندرك ما يمكننا الاحتفاظ به وما يتوجب علينا استبعاده وفقا لمعايير الشرع، فالمعارف المعاصرة تنقسم إلى قسمين هما العلوم الإنسانية والعلوم المادية.
فالعلوم الإنسانية أولى بالاهتمام نظرا لتأثرها بعقيدة المجتمع التي تنشأ فيه بحيث أن نظريات علم الاجتماع وعلم النفس وفلسفة التاريخ وغيرها تحمل رؤى متباينة للإنسان والكون والحياة
إذ أن الباحثين المعاصرين يقدمونها على أنها نتائج وقوانين علمية صالحة للتعميم والتطبيق على سائر الجنس البشري دون مراعاة الإختلافات الموجودة بين المجتمعات الإنسانية من حيث ثقافاتها ومنظوماتها الفكرية والعقدية لذا يجب أن نكشف ما يتعارض فيها مع العقيدة الإسلامية من خلال قراءة هذه النظريات قراءة ناقذة.
أما العلوم المادية فالمشكلة فيها هي كيفية توظيف نتائجها أساسا وبالتالي يكون على الباحثين المسلمين أن يطوروا المعارف المتوفرة في هذا المجال فيما يخدم الإنسان ويحفظ التوازن البيئي.
الخطوة الثالثة : الربط بين التراث الإسلامي والمعرفة المعاصرة وذلك بالإجابة على الأسئلة التالية:
ـ ما إسهام الإسلام آخذين في الإعتبار حقائق الوحي وجهود السلف في القضايا التي تعالجها المعارف المعاصرة؟
ـ أين وصل التراث في مستوى رؤية هذا العلم وآفاقه، وأين قصر عنها؟
ـ في أي إتجاه يحسن أن تبذل جهود المسلمين مستقبلا لكي تسد هذا النقص ؟
و بما أن الإسلام يقدم حقائق مستمدة من الوحي ويرسم لنا منهجا متميزا ،فيمكن الإعتماد على هذه الحقائق في تقديم رؤى جديدة تغني الإنسانية في هذا المجال، كما يمكن للباحثين المسلمين أن يقدموا خدمة جليلة للإنسانية إذا وضعوا أرضية ثابتة وصلبة لتلك العلوم تجنب الباحثين الوقوع في أخطاء في فهم الظواهر الإنسانية المعقدة.